البارحة في مسرح قرطاج في حفل ذكرى تأسيس الحرس الوطني رفع الفنان رؤوف ماهر سقف حفلات الفنانين التوانسة إلى مستوى تعجيزي…وهو مستوى شاهق لم يبلغه غيره هذا الصيف…فقدم درسا في المسؤولية والثقة وعدم الإستخفاف بإنتظارات جمهور حقيقي جاء من كل جهات البلاد لحضور حفله…فوجد عرضا فرجويا ضخما وممتعا لم يخذل إنتظاراته…وبعد أكثر من 40 مهرجان في كل أنحاء البلاد…بحضور عشرات الآلاف…يجني رؤوف ثمار العمل والشغف والصدق والأصالة على ركح قرطاج الرهيب…!!!
أكثر من خمسين عازفا وراقصا ومرددا على ركح قرطاج…إختلفت آلاتهم وإيقاعاتهم ومقاماتهم…جمعتهم الهوية التونسية الأصيلة والأصلية…وعزفوا وغنوا إيقاعات الصحراء وروح الجنوب…الذي أصبح رؤوف ماهر سفيره في مسارح الشرق والغرب…وإختار عنوانه وجمهوره وهويته…وصنع شخصيته الفنية المختلفة…وبصمته الموسيقية المتفردة…وأصبح عنوانا مختلفا وأصيلا يأتيه جمهوره من كل الجهات أينما غنى…حتى أننا رأينا في المسرح جمهورا لا يأتي الى قرطاج إلا من أجل رؤوف ماهر…وقد تسمع وأنت بينهم كل اللهجات التونسية وترى السحنة التونسية الأصيلة…وتشعر بوهج الجنوب !!!
نجح رؤوف ماهر لأنه لم يستسهل مسرح قرطاج…ولم يستخف بركحه…ولم يكتف بعرض غنائي عادي مثل غيره…فوضع على الركح كل شعوره بجسامة المسؤولية وبحجم الثقة وبقيمة الإمتحان…فشاهدنا فرجة موسيقية شيقة وممتعة ومشوقة…جعلت مدارج المسرح تهتز شغفا ومتعة ونشوة…تحت مفعول إيقاعات ومقامات تونسية أصيلة…!!!
إختيار رؤوف ماهر لحفل ذكر إنبعاث الحرس الوطني كان موفقا جدا…فهو يمثل الهوية التونسية…ويعبر عن قيم وطنية أصيلة…وعن السيادة الموسيقية التي توجد في هوية البلاد وروحها وجذورها…ومفهوم السيادة ليس سياسيا وأمنيا فقط…بل ثقافيا وفنيا أيضا…حيث إختار الحرس الوطني لحفل إحياء أمجاده…فنانا وطنيا من القلائل الذين يناضلون بأصواتهم للدفاع عن السيادة الفنية والثقافية للبلاد…!!!
السيد آمر الحرس الوطني حسين الغربي كان في مقدمة الحاضرين…رفقة أبرز قادة السلك…والنجاح التنظيمي كان باهرا…وتوفرت كل الظروف المريحة ليستمتع الجمهور بالعرض رغم عدده القياسي…وشعرنا هناك أن الحرس الوطني لا يحتفل بذكرى تأسيسه فقط…بل وأيضا بنجاحات كبيرة حققها في أشرف معاركه الوطنية…ضد الإرهاب وضد الجريمة وضد آفة المخدرات وضد الخونة…مع شركائه المؤتمنين على سيادة الوطن الجيش والأمن والديوانة…فكان هناك إنسجام بين الشكل والمضمون…وبين المناسبة والمعاني…!!!
هنيئا لمؤسسة الحرس الوطني على نجاح حفلها السنوي كالعادة…وقد راهنت ككل عام على رياض بودينار الرقم الصعب في التنظيم…فكانت ليلة كبيرة في مستوى الحدث وعلى مقاس الانتظارات…!!!