كتب حيدر قاسمي
و أنت تتجول في مدينة القصرين ستلاحظ حتما أنها مدينة لا مصانع فيها و لا شركات ، و كل ما يميز المدينة هو كثرة المقاهي ، هنا المدينة التي تصح فيها مقولة بين “القهوة و القهوة تلقى قهوة ” ، و أصبح المقهى هو المشروع الوحيد الذي يفكر به المستثمر القصريني ، و منذ شهر واحد تقريبا تم إفتتاح مقهى جديد يحمل إسم السنفونية لأصحابه الأخوين جليطي. ، الدكتور منير الجليطي و أخاه الفنان الكبير محسن الجليطي ، قد تبدو من الوهلة الأول فكرة عادية و مشروع مستهلك ، و لكن بدخولك للمقهى ستجد أنك فعلا لم تدخل لمقهى ، بل أنك خرجت من واقع مليء بالضوضاء و تفاهة الحياة اليومية و تركت من ورائك مشاكل السياسة و حديث الاقتصاد و تفاهة البعض … و دخلت لعائلة ستشعر من اولى خطواتك بإنتمائك لها رغم أنه من الممكن أنك لن أتعرف و لو على فرد واحد من الموجودين و لكن حتما أنت تنتمي لهذه العائلة التي ستغمرك طاقة إيجابية و مشاعر صادقة ، فالفضاء لا يمت للمقهى العادي بأية صلة ، فلا “شكبة و لا رامي ” ، بل هو مركز ثقافي بإمتياز ، فقد ألح الرسام و النحات العالمي محسن الجليطي أن يكون الفضاء معرضا لرسومات عبد الباسط عزوز و غزالة يحياوي و غيرهم من رسامي الجهة ، و ليكون ملجأ الشعراء ، فتجد فاطمة القاسمي و نجوى النوي و عديد الشعراء يلقون أشعارهم بكل فخر بمرافقة عود عبد الباسط عزوز الذي يتحكم بنسق الجلسة بعزفه و تدخلاته الفنية من خلال أغاني الشيخ إمام و أم كلثوم و عبد الوهاب …. و لن يكون للشعر مذاق إلا في حضرة الناقد و الشاعر و الأستاذ القدير محمد الطاهر القرمازي الذي يقدم الشعراء و ينسق بين تدخلاتهم و يشاركهم إحدى قصائده بين الفينة و الأخرى . فأن تجالس هذه النخبة و تتذوق بعض من ” الرفيس التونسي ” و الذي جمع” تمر الجنوب ” و زيت الساحل و قمح الشمال لتكون القصرين جامعة لمنتوجات البلاد و تبادلهم حبا نابعا من الأرض الحرشة، أنت فعلا صاحب حظ سعيد . لن تجد جلسة تضاهي “قعدة السنفونية ” و إن كنت وحيدا ، و هي فرصة حقيقية لتصفح ما كتب عبد الباسط عزوز في ” خوخ… ليمون… و كورونا… ”
خلاصة القول ، أن الأخوين جليطي نجحا في خلق مساحة للحلم .