![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0019.jpg)
التحفة الفنية بانامل_ذهبية
في قلب تلمسان، حيث تعانق الأزقة روح التاريخ، وحيث يروي النحاس المنقوش حكايات الأجداد، تبدأ قصة ياسمين، فتاةٌ ورثت عن جدها موهبة الطرق على النحاس، لكنّها لم ترث مجده. بين المطرقة والسندان، وبين حلمها في البقاء وفقدان ما تبقى من إرث العائلة، تخوض ياسمين رحلةً لم تكن في الحسبان.
الفصل الأول: نقش الذاكرة
في دكان صغير، تفوح منه رائحة الزمن القديم، كانت ياسمين تجلس أمام طاولة العمل، تراقب قطع النحاس المصطفّة أمامها كانت يداها الناعمتان تحملان المطرقة بتردد، كأنهما تخشيان أن تخدشا بقايا ذكريات جدها الراحل، وهي تتامل تلك الاعمال المبهرة وذلك الرسم المنقوش بدقة وهندسة رائعة اعجبتها جدا وابهرتها بريقها المتلألأ.
“النحاس ليس مجرد معدن، إنه ذاكرة!”، كانت هذه آخر الكلمات التي سمعتها منه قبل أن يرحل.
لكن الزبائن قلّوا، وصوت الطرق على النحاس صار خافتًا في الأزقة، فالناس باتوا يفضلون التحف المستوردة، الرخيصة، ومعها صار الحلم أثقل من أن تحمله وحدها.
وهي تعلم أن هذه الحرفة حالت إلى الزوال حيث تلاشت للأسف حرفة النحاس وتراجعت كثيرًا مع رحيل كبار الحرفيين، خاصة في المدن التاريخية مثل تلمسان. فمع دخول المنتجات المستوردة الرخيصة، وتغير أذواق الأجيال الجديدة، أصبحت هذه الحرفة في طي النسيان. ومع ذلك، ما زال هناك أمل في إحيائها من خلال توثيق تقنياتها، وتشجيع الشباب على تعلمها، ودمجها مع التصاميم العصرية لجذب اهتمام السوق من جديد
الفصل الثاني: الغريب
في يوم غائم، دخل رجل غريب الدكان، كان يرتدي معطفًا طويلاً وقبعة تخفي جزءًا من وجهه، اقترب من طاولة ياسمين بهدوء وقال بصوت منخفض:
— “سمعت أن لديك موهبة لا مثيل لها.”
رفعت عينيها بتعجب، لم تكن تعرفه، لكن كلماته حملت نغمةً جعلت قلبها يخفق.
وهي تردد “من أنت؟ وماذا تريد؟”
أخرج الرجل قطعة نحاسية قديمة من جيبه ووضعها أمامها، كانت منقوشة بطريقة غريبة، نقوش لم ترها من قبل، لكنها بدت مألوفة بطريقة غامضة.
وقال لها: هذه القطعة لها قصة طويلة وأعتقد أنك الوحيدة التي يمكنها إكمالها.
هل تجرؤ ياسمين على طرق أبواب الماضي؟ هل ستكتشف سر هذه القطعة؟
الفصل الثالث: سر النقوش
ترددت ياسمين للحظات قبل أن تلمس القطعة النحاسية التي وضعها الغريب أمامها، كانت باردة رغم أن يدها كانت دافئة؛ مررت أناملها فوق النقوش، فشعرت برجفة غريبة تسري في جسدها وهي لا تعرف كيف ترد عليه.
هذه ليست مجرد زخرفة عادية! تمتمت، وعيناها معلقتان بالقطعة.
ابتسم الغريب ابتسامة غامضة وهو يقول: أعرف ذلك، هذه القطعة تعود إلى زمن بعيد، وكانت جزءًا من عمل فني مفقود! لوحة نحاسية نقشتها يد أشهر حرفي في تلمسان قبل أكثر من مئتي عام.
توسعت عينا ياسمين بدهشة لم تكن قد سمعت عن هذه القصة من قبل، لكن إحساسًا داخليًا أخبرها أن هناك شيئًا مألوفًا في هذه النقوش.
قالت له : ما الذي تريد مني فعله؟ بينما كان قلبها ينبض بتوتر.
ىدَّ عليها قائلا : أريدك أن تعيدي إحياء هذا الفن وأن تجدي بقية القطع!.
الفصل الرابع: الأثر القديم
في تلك الليلة، لم تستطع ياسمين النوم ظلت تحدق في القطعة، تدرس تفاصيلها. كان هناك نقش صغير في الزاوية، بالكاد مرئي. أخرجت عدستها المكبرة وتأملته عن قرب، لتكتشف حروفًا منقوشة بخط قديم: “من يجدني، يجد السرّ.”
انتفض قلبها. ما الذي يعنيه هذا؟
مع بزوغ الفجر، توجهت إلى ورشة جدها القديمة، تلك التي لم تفتحها منذ رحيله. فتحت الباب بصعوبة، ليقابلها ضوء خافت وغبار متراكم فوق الطاولات؛ تقدمت ببطء إلى الخزانة الخشبية التي كانت تحوي أدوات جدها الخاصة، وفتحتها بحذر.
وهناك وسط القطع القديمة، وجدت صندوقًا صغيرًا من النحاس، يحمل نفس النقوش التي رأتها على القطعة التي أحضرها الرجل الغريب.
هل يكون هذا الصندوق هو المفتاح لحل اللغز؟! وماذا يوجد بداخله يا ترى؟!
الفصل الأخير: سر النحاس
بيدين مرتجفتين، فتحت ياسمين الصندوق النحاسي في الداخل، وجدت قطعة نحاسية أخرى، تكمل النقوش التي على القطعة الأولى لكن الأهم، كان هناك ورقة قديمة صفراء، مكتوب عليها بخط يد جدها:
إلى من يملك هذه القطع، أنت تحمل إرثًا لا يقدر بثمن النحاس ليس مجرد معدن، إنه قصة لم تكتمل اجمع القطع، وستعرف الحقيقة!
حبست أنفاسها، والتفتت بسرعة إلى القطعة التي أحضرها الغريب. عندما وضعت القطعتين معًا، اتضح أنهما جزء من خريطة قديمة، تقود إلى مكان ما في تلمسان.
تذكرت فجأة كلام جدها عن ورشة سرية تحت المدينة، حيث كان الحرفيون القدماء يخبئون تحفهم الثمينة خوفًا من أن تضيع مع الزمن.
مع الغريب، الذي كشف لها أنه مؤرخ يبحث عن هذا الكنز منذ سنوات، بدأت ياسمين رحلتها عبر الأزقة القديمة، قادهم البحث إلى باب حجري في زاوية مهجورة، عندما دفعت ياسمين الباب، انفتح بصوت عميق، كأن الزمن نفسه قد تحرك.
داخل الغرفة المخفية، وجدت ياسمين عشرات القطع النحاسية المنقوشة، كل واحدة تروي قصة من تاريخ تلمسان العريق، وتحمل الكثير من الحكايات القديمة وكل حكاية لها تاريخها، كانت هذه الورشة هي آخر ما تبقى من فن النحاس التلمساني الأصيل، محفوظًا عبر الزمن بانتظار من يعيده للحياة.
وقفت ياسمين هناك، وابتسمت. لم يكن الأمر مجرد كنز لقد كان مسؤولية، إرثًا يجب أن تحمله للأجيال القادمة.
وهكذا، عادت ياسمين إلى دكانها، لكن هذه المرة لم تكن مجرد حرفية، بل حارسة لفنّ قديم، وراوية لقصص نُقشت بالنحاس والدم حيث كانت هذه الحرفة هي الكنز العظيم التي تتمنى ياسمين ان تلقى من يحافظ عليها ويتعلمها كي لا تزول، لأن الحفاظ على حرفة النحاس مسؤولية الجميع، وخاصة الحرفيين المهرة (النحاسين) الذين ما زالوا يمتلكون أسرار هذه المهنة يمكنهم نقل خبراتهم إلى الأجيال الجديدة من خلال:
تنظيم ورش عمل، تعليم الشباب والأطفال فن النقش على النحاس.
تقديم دورات تدريبية: بالتعاون مع الجمعيات الثقافية والمؤسسات الحرفية.
استخدام التكنولوجيا: الترويج للحرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعرض المنتجات وجذب الاهتمام.
دمج النحاس مع تصاميم حديثة: لتناسب الأذواق العصرية وتجد طريقها للأسواق الجديدة.
تسجيل الحرفة كتراث وطني: لضمان الاعتراف بها ودعمها من قبل الدولة،
بتشجيع التعلم والتدريب وإنشاء ورشات لتعليم الشباب المهارات التقليدية.
دعم الحرفيين، توفير دعم مالي وتسويقي للحرفيين للحفاظ على استمراريتهم.
الترويج للمنتجات، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأسواق الإلكترونية لبيع المنتجات النحاسية.
إدراجها في السياحة، تنظيم معارض وفعاليات سياحية لتعريف الزوار بهذه الحرفة وزيادة الطلب عليها.
بهذه الخطوات، يمكن أن تستمر حرفة النحاس في التطور والبقاء للأجيال القادمة.
أمينة نور
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0018.jpg)
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0019.jpg)
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0017.jpg)
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0016.jpg)
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0014.jpg)
![](https://hola.tn/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0015-649x1024.jpg)