هدوء حذر علي الجنوب اللبناني ولكن !
كتبت د. ايمي حسين
في حين كان العالم ينتظر سريان الهدنة في غزة بفارغ الصبر، على قاعدة أنّها مقدّمة لهُدن أخرى ولوقف إطلاق النار لاحقاً، كانت إسرائيل تشنّ أعنف هجماتها في غزة وفي جنوب لبنان حيث استهدفت مجموعة من قادة فرقة الرضوان في الحزب بما ترمز إليه من قوّة وأهمية بالغة في عمل الحزب العسكري، وقتلت نجل رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد، عباس، ومن الواضح للجميع ان التبادل تأخّر بتشدّد إسرائيليّ في مسعاها إلى ضبط مسار الحرب في غزة، عملت الولايات المتحدة الأميركية مع قطر على رعاية المفاوضات بين إسرائيل وحماس. تحت النار على مدنيّي غزة وصلت هذه القوى إلى اتفاق على إطلاق خمسين امرأة وطفلاً من حَمَلة الجنسية الإسرائيلية لدى حماس مقابل مئة وخمسين أسيرة فلسطينية ومعتقلاً ما دون الـ18 عاماً في سجون الاحتلال. مقابل كلّ أسيرة لدى حماس تطلق إسرائيل ثلاث أسيرات فلسطينيات ومعتقلين، ويتمّ ذلك على دفعات طوال أيام الهدنة. غير أنّ الأزمة التي طرأت في اللحظات الأخيرة على هذه المفاوضات هي تشدّد نتانياهو في معارضة دخول مساعدات “مفتوحة” إلى القطاع لأنّه يعتبر ذلك تعارضاً مع خطّته لاستنزاف منطقة الشمال. في حين كانت قد اشترطت حماس دخول المساعدات من دون أيّ قيد. لهذا تأجّل إنجاز صفقة التبادل وتأجّلت الهدنة حتى اليوم. وبانتظار اكتمال شروط الصفقة الأولى، لا تزال حماس تمسك بالورقة الأكثر أهمية التي تضغط من خلالها على العالم لإبقاء العين على القطاع: ورقة الأسرى من حاملي الجنسيات المزدوجة، وبينهم أميركيون وأوروبيون، الذين احتفظت حماس بهم ليكونوا في صفقات تبادل لاحقة وتستطيع بهم المحافظة على قضيّتها عنواناً أوّل في جدول أعمال العالم. وقد اوضحت انباؤنا بنود الخلاف الأميركيّ الإسرائيليّ والسبب… هناك مصلحة مشتركة بين أميركا وإسرائيل في تصفية حركة حماس في القطاع وخارجه، وهو ما يحاول نتانياهو أن يقوم به في هذه الحرب، فقد أعلن في الساعات الماضية أنّه أوعز إلى الموساد بتصفية قادة حماس في أيّ دولة خارج القطاع. وهكذا كان اغتيال مسؤول حمساوي جنوب لبنان قبل يومين. إلا أنّ الخلاف في المقاربات بدأ يظهر بين الرجلين اللذين لم تجمعهما أيّ كيمياء منذ انتخاب بايدن رئيساً. بل إنّ نتانياهو لم يدخل البيت الأبيض بعد في عهد بايدن، علماً بأنّ حليفه الأساسي هو الرئيس الأسبق دونالد ترامب. عليه، ما بين الرجلين أكثر من اختلاف نعدّد منها: – دعت واشنطن التي تخضع لضغوط كبرى في هذه الحرب، إسرائيل إلى تجنّب قصف المدنيين في حين استمرّ نتانياهو باستراتيجية تدمير شمال قطاع غزة على من فيه. – ترفض واشنطن، المنظّرة لحلّ الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية، تهجير أهل قطاع غزة، معتبرة أنّ القطاع جزء من الدولة المستقبلية للفلسطينيين. فيما لا يعترف نتانياهو بحلّ الدولتين ويعمل في هذه الحرب على تهجير أهل القطاع من شماله إلى جنوبه ويخطّط لإبقاء قواته في الشمال حتى إشعار آخر والتقدّم ولو بأمتار قليلة يومياً. – في حين دعمت واشنطن حليفتها إسرائيل في حرب مدمّرة على غزة في شهرها الأول، إلا أنّ واحداً من الخطوط الحمر بالنسبة إلى واشنطن هو توسيع رقعة الحرب إلى خارج غزة، أي إلى لبنان أو إيران، لأنّها حينها تصبح معنيّة بشكل مباشر. أمّا نتانياهو فهو يعمل بثقله على توريط واشنطن بحرب لا تستطيع الانسحاب منها. وما هي ضرباته على جنوب لبنان واغتياله قادة فرقة الرضوان ومواقفه من تحويل بيروت إلى غزة، إلا دليل على الاستفزاز الذي يقوم به سعياً إلى حرب تسانده فيها أساطيل الدول الكبرى، كي تجد واشنطن نفسها أمام مفترق خطير وتتحرّك سريعاً تداركاً لتصعيد أكبر. خلاف في الضفّة أيضاً – تسعى واشنطن إلى إرساء هُدن إنسانية متتالية تخفّف من وطأة الحرب وتستكمل اسرائيل محاولة تصفية قادة حماس مع الوقت. أمّا نتانياهو فيؤكّد أنّ حربه لن تتوقّف مع الهدنة وأنّه سيعاود عملياته العسكرية بعد اليوم الأخير من الهدنة مباشرة. – يظهر الخلاف بين المقاربتين الأميركية والإسرائيلية في الضفة الغربية أيضاً، التي يسمح فيها نتانياهو للمستوطنين بتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين وصلت إلى حدّ قتلهم وطردهم من منازلهم. واليوم بعوده الاسري المتبادل وسط فرحه عارمه وحصره علي اشلاء الجسس ودمار احياء سكنيه بأكملها الجميع يترقب ماذا بعد في جعبه الثنائي المدمر في هذا العالم المظلم؟