..كل من شاهد العرض الافتتاحي لهذه المسرحية كان له انطباعه الايجابي ازاءها فالجمهور الذي حضر العرض كان متنوعا من حيث سنه ووعيه فانت تجد الكهل مثلما تجد الشاب..وانت تجد الطالب الذي مازال. في مقاعد الدراسة الجامعية مثلما تجد التلميذ الذي مازال في مقاعد المعاهد الثانوية .تجد الموظف الذي قدم الى قاعة العرض بعد ان أنهى واجبه المهني يومه..ولم يغب عن العرض الافتتاحي للمسرحية العنصر النساءي الذي تمثل في حضور بعض الامهات مصحوبات ببناتهن وابناءهن وأزواجهن تعبيرا عن أن الاسرة وجميع مكونات المشهد الاجتماعي في القصرين كان له شرف الاقبال على العرض الافتتاحي للمسرحية أضافة الى الحضور الاعلامي وبعض الوجوه الثقافية المعروفة في الجهة…كان انطباع الجميع واضحا من خلال التصفيق المدوي من داخل القاعة أثناء العرض وبين هذه اللوحة المسرحية وتلك..أو بين هذا المشهد وذاك.. مثلما كان هذا الانطباع واضحا بعد نهاية العرض ومصافحة الجمهور للمثلين وتهنءتهم على الابداع والتألق..ااا
المسرحية في مضمونها تتحدث عن حياة المغني والعازف زرياب ومسيرته الفنية وقدرته على الابداع والاضافة إلى الموسيقى لا العربيه فحسب وانما ايصا الموسيقى في العالم اضافة لايعرفها الا اهل الاختصاص والمشتغلين على هذا المجال الفني في تفاصيله ودقاءقه ولكن هذا المحتوى الذي تقدمه المسرحية لا يخلو من خلفية حضارية جوهرها التاكيد على قدرة العرب على الابداع والاضافة الى التراث الموسيقي العالمي وانهم قدموا للانسانية ما لم يقدمه غيرهم غير ان الاجيال العربية اللاحقة لم يعرفوا كيف يحافظون على هذا الارث وتطويره لا في الموسيقى فحسب بل في مجالات اخرى الأمر الذي سمح للاخر من اخذ ذلك الموروث وتوظيفه لفاءدتهم……ااا
ولما كانت المسرحية فنا له خصاءصه وادواته التي بها يتقوم كان لابد ان نحاول رصدها باتجاه الامساك بتلك اللحظة الكبرى التي يلتقي فيها الفن بالمعنى وابعاده كيف لا والمسرحية في بناءها الحدثي العام تقوم على ثلاثة مراحل كبرى هي عبارة عن حركة أو توتر تجسدها مسيرة زرياب بين ساكنين السكون الأول هو ما قبل ظهور زرياب والسكون الثاتي هو ما بعد اختفاء زرياب…حتى لكأن
ازدهار الموسيقى واشعاعها في العالم العربي بل في العالم
كله كان مرتهنا بمسيرة هذا الصوت أو هذا الروح الابي المتمرد على جميع المواضعات الموسيقية في عالم البشر فلا شيء له اهمية كبرى قبله ولا شيء له اهمية كبرى بعده .
واهمية هذه المسرحية وهي في عرضها الافتتاحي يكمن ايضا في البناء الذي ميز ساءر احداثياتها التى احتكمت إلى ثناءيات ففيها يتناوب السرد واللوحات او جملة المشاهد ..اذ تبدا براو. لا يسرد الحكاية وانما يطرح جملة من الاسءلة يتوجه بها إلى المتفرج ويقترح عليها متابعة اللوحات المسرحية لعلها تجيب عنها وفي ذلك سعي منه إلى شد انتباهها وايقاض عقله وتفكيره وبين هذه المراوحة پين المنطوق والممسرح .بين المسموع والمرءي تكون المتعة والافادة..
وليس الأمر ذاته بمنأى عن فضاء العرض اذ نجد انفسنا ازاء ركحين الركح الأول هو قاعة العرض الواقع امام الجمهور المتفرج .وركح اخر هو بلاط الخليفة هارون الرشيد. اي بغداد عاصمة العراق..واذا كان الركح الاول متحولا فان الركح الثانيي ثابت لا يتغير…وبين هذا وذاك تتحرك وقاءع المسرحية. ومشاهدها ويتحرك معها ذهن المتفرج ووجدانه وهو يتابع المشاهدة كيف لا وقد راهن المخرج على ذلك هو المتحكم في كونه المسرحي تحكم الخالق في خفايا عوالمه..والامر ذاته نجده في الفضاء الزمني اذ جعله المؤلف محكوما بثناءية الرهان ..راهن الجمهور المتفرج والزمن الماضي زمن الخلافة العباسية مع هارون الرشيد وزمن زرياب لحظة. التقاءهما..وبين الزمنين تتداعى الرؤى وتكون المشاهد وتلتقي الابعاد وهو مايعكس وعي المؤلف بفنه وبزمنه الذي يتجاوز احيانا وظيفته التأطيريه ليكون فاعلا يسهم في حفز المتفرج وتيقظ وعيه باللحظة المسرحية وابعادها وبشخصية زرياب ومسيرته الفنية…وكيف لايكون ذلك والشخصية في المسرحية تتنازعها ثناءية البشري أو الادمي (زرياب …الموصلي..هارون الرشيد..شخصية الاستاذ )من جهة والخيالي (شخصية الفايسبوك..شخصية قوقل..شخصية اليوتيوب) واذا كان النوع الاول من الشخصيات تاريخي فان النوع الثاني مستحدث ومتصور والجمع بينهما من جوهر الطراقة يذكرنا بطرافة شخصيات حكاية الغفران مع المعري وكذلك شخصيات الحكاية المثلية مع ابن المقفع..ولعل المقصد من الجمع بينها هذه الشخصيات هو تحقيق الغاية التعليمية في علاقة بالجمهور اولا وفي علاقة بالباحث عن الحقيقة والمعرفة..فهما لايدركان بهكذا وساءط رغم ما تقدمه من خدمات في كثير من المجالات احيانا .. وانما تدرك بمصادر تاريخية وعلمية يعتد بها….ا
…أما فيما يتعلق بالجانب الفرجوي فقد تحقق بوساءل من قبيل الاثاث كعرش الخليفة وبلاطه وكذلك بواسطة الموسيقى والرقص وايماءات الشخصية وحركاتها وكذلك الظلمة والانارة…وهي كلها مفيدة في شد انتباه المتفرج وحفزه على البحث في الابعاد. فثمة مقابلة بين صوت العود في رصانة ايقاعه واثره في الوجدان والاذان من جهة وضجيج الموسيقى الصاخبة والالات الإلكترونية المدوية. وكذلك مقابلة بين الظلمة والنور ..هي ثناءياتغ مفيدة في الكشف عن اهمية الة العود…واهمية الموسيقى التي ينتجها تريح النفس والوجدان وتبعث على الابتعاد عن كل ضجيج غير مفيد…اا
والمفيد في المسرحية أيضا خطابها الذي تبنيه ثناءية المنط
وق الذي جاء على لسان الشخصية التي تسهم في انارة كل مايتعلق باحداثيات المسرحية من جهة والحوار من جهة اخرى وهي ثناءية تقليدية تطرح فيما تطرح مسالة علاقة الكتابة المسرحية ببقية الأجناس الادبية ذلك ان المسرحية تنفتح بنا على الكتابة الرواءية والقصصية عامة..والكل يستفيد من الكل اخذا وعطاء. تأثيرا وتأثرا…غير ان اللافت في الجوار لغته. فقد جعلها المؤلف عربية فصيحة في معظمها تتخللها بعض المداخلات باللغة العامية ( صوت الفايسبوك)ولعل ذلك يفيد في جعل المسرحية تندرج ضمن ما يسميه النقاد المسرح الجاد وهو ذاك الذي بتناول مساءل تاريخية في لغة فصيحة رسمية في مقابل المسرح الذي تكون لغته عامية ويتناول مساءل من الحياة االيومية وتكون احيانا تافهة .. اا….
….المسرحية بهذه الخصاءص العامة حققت اكثر من وظيفة اهمها الامتاع والافهام والتوعية والتعليم .وقد نهلت من التاريخ مما أكد ان الفنان يخالف في عمله عن المؤرخ فاذا كان الفنان محكوما بنزعة ذاتية وكذلك بخياله فان المؤرخ بمنهجه العلمي الصارم وبدقة معلوماته وموضوعيته.ولذلك كانت المسرحية حقيقة فنية لا حقيقة تاريخية..ااا
..المسرحية نهلت من مشارب مختلفة منها مسرح التغريب والمسرح التاريخي. ومنها المسرح الكوميدي في ضرب التوليف المفيد الذي حقق فعلا طرافتها غير ان مضمونها في معظمه كان محكوما بخلفية حضارية تنصرخ للابداع العربي وترتقي به الى درجات التميز على غيره من الابداع الغيري حتى لكانها تغفل ان الابداع انساني تشترك فيه كل الأمم وكل الشعوب وتتكامل جميعها في افادة الانسان وامتاعه ولم يكن زرياب او مسيرته الفنية الا نموذجا لذلك….ااا
___محمد الطاهر قرمازي _____