حرب اسرائيل -غزة وسط انقسامات سابقة بين مكونات المشهد السياسي الفلسطيني:
جمال الدين العزلوك
أكثر نجاح استطاعت الحكومات الاسرائيلية تحقيقه برعاية أمريكية غربية هو خلق نوع من الفوضى والانقسامات وسط فصائل سياسية -عسكرية فلسطينية في السنوات الماضية وحتى في الوقت الحالي.فيسقط الكثير في خطأ اعتبار حماس هي الممثل الوحيد للمناضلين والسياسيين الفلسطينيين في الداخل والخارج وداخل ما يسمى الخط الأخصر.
المشهد السياسي والتركيبة الاجتماعية الفلسطينية-الاسرائيلية:
هناك فلسطينيين يعيشون داخل اسرائيل اي وسط المجتمع اليهودي الاسرائيلي في أحياء منعزلة عن اليهود كبئر السبع وتل أبيب (يافا) وحيفا…وهم يعانون الأمرين من استفزازات الحركات اليمينية المتطرفة الاسرائيلية والحرمان من عديد الحقوق المدنية والسياسية داخل أكثر شعب منبوذ اقليميا ودوليا (اسرائيل).وهناك فلسطينيين يعيشون في قطاع غزة الذي خرج منه الجيش الاسرائيلي سنة 2005 .وفيه معبر رفح البري الحدودي مع جمهورية مصر العربية وميناء صيد بحري ويعتمد أساسا على التهريب من الجانب المصري عبر أنفاق سرية وعلى المساعدات الدولية خاصة من قطر وتركيا وإيران. ويسكنه حوالي مليونين ونصف فلسطيني وهو محاذي لما يسمى مستوطنات غلاف غزة عسقلان وسديروت وكيبوتسات اسرائيلية ذات استقلال اقتصادي وسياسي عن اسرائيل.ولا تتجاوز المسافة بين الكيبوتسات وغزة بضعة كيلومترات ويفصل بينها الجدار العازل الذي كلف اسرائيل مليارات الدولارات ومجهز بأحدث الرادارات والقباب الحديدية وتحرسه فرقة كانت تسمى فرقة غزة قبل هجوم مقاتلي حماس عليهم وأسر العديد منهم من بينهم الجنرال نمرودي الأسير لدى حركة المقاومة حماس.وأما الضفة الغربية على حدود الأردن.وعمان وصية على المسجد الأقصى.وتقع بها نابلس ورام الله وجباليا وبيت حانون والقدس الشرقية وطولكرم وأريحا…ويفصل بينها وبين اسرائيل جدار حدودي ومعابر فاصلة آخر وأهم حاجز أو معبر يقع في طولكرم بينما يفصل غزة بغلاف غزة معبر ايريز ( بيت حانون )الذي دخل مقاتلي حماس منه بعد تسلل السبت التاسع من أكتوبر بالطائرات الشراعية وبإحداث ثقب بالمتفجرات وجرافة ومنه تم نقل الرهائن من مهرجان موسيقي ومن منازل الاسرائيليين إلى قطاع غزة عبر دراجات نارية وسيارات وتم الهجوم على دبابة ميركافا والاستحواذ على سيارات جيب عسكرية وأسلحة من المعسكرات الاسرائيلية.وتم الاعتماد أساسا على طائرات مسيرة وقذائف آر بي جي والكلاشنكوف…وقبل العملية تم إطلاق رشقات صاروخية مكثفة نحو عسقلان وسديروت.
الخلافات السياسية السابقة والمشهد السياسي الفلسطيني :
حركة فتح تعتبر حركة منفتحة على اسرائيل وتدعو إلى السلام وحل القضية الفلسطينية بالمفاوضات ولها خلافات فكرية وسياسية مع حماس .وهناك أيضا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجبهات سياسية أخرى ليس لها ثقل عسكري وسياسي.بالإضافة إلى بعض المجموعات المسلحة الصغيرة داخل الضفة الغربية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وكثيرا ما يشتبكون مع الجنود الإسرائيليين لتقتحم اسرائيل هذه المخيمات وتعتقل منهم الكثير ويقضي منهم العديد من الشهداء والجرحى.وهي مجموعات مسلحة صغيرة غير مدربة وغير مسلحة جيدا وتعتمد على أسلحة خفيفة والحجارة وحرق العجلات المطاطية والهجوم على الجنود والمستوطنين بالسكاكين.خاصة في القدس أثناء حملات الاستفزازات من الجانب الاسرائيلي من قبل مجموعات دينية أو مناسبات يهودية أو خطابات كراهية من قبل حاخاماتهم .وأما غزة فتضم فصيلين مسلحين الأكثر تدريبا وتسليحا في فلسطين وهما حركتي حماس والجهاد الإسلامي.واللذان يخوضان الحرب حاليا مع الجيش الاسرائيلي.
وتعتبر حماس أكبر فصيل مسلح ذو توجه ديني ويطالب بتحرير كامل فلسطين بالسلاح ويرفض المفاوضات.وأهم مناطق قطاع غزة خان يوسف ورفح وأهم الأحياء حي الزيتون والشجاعية.
وبالتالي هناك خلافات فكرية وسياسية بين مكونات المشهد السياسي الفلسطيني.وربما هذا الخلاف هو السبب الهام في التشظي الحاصل أو في ضعف الصف الفلسطيني تجاه قضيتهم الفلسطينية.ويقبع قرابة 6000 فلسطيني في السجون الإسرائيلية خاصة بسجن جلبوع شديد الحراسة الذي شهد عملية هروب مثيرة للجدل لثلاثة مسجونين فلسطينيين وسرعان ما قبض عليهم وإعادتهم لهذا السجن الذي يعتبر أخطر سجن في العالم. والذي تصنفه اسرائيل ضمن أخطر السجون ويضم قيادات وعناصر من حماس وفتح والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي وأشخاص قاموا بعمليات نوعية كبرى في إسرائيل ومحكومين بعشرات السنوات سجنا.