كتبت الدكتورة إيمي حسين
اعتدنا ونحن نقرأ «واللقمة يضعها الرجلُ في فم امرأته صدقة» أن نركّز على لفظةِ اللّقمة، ونُهمل يضعها في فم امرأته!
السِّر إذاً ليس في اللقمة، بل في طريقة تقديمها!
الحياة عبارة عن طقساً من الحبّ.
فاجتماع رجل وزوجته على مائدة امر جميل و هذه الحركة اللطيفة تحوّلنا من كائنات مُقتاتة إلى كائناتٍ مُحبّة، وتُحوّل الطعام من غذاء للمعدة إلى غذاءٍ للقلب والرّوح! جوع المشاعر و الأحاسيس قاتِلٌ إن لم يُقدّم في وقته!
وأكثر أنواع البخل إيذاء الذي يتعلّق بالاهتمام!
الفقرُ الحقيقيّ في القلب!
ونحن في الغالب نتقبّل فكرة فقر من حولنا، ونتعايش مع قلة إمكانياتهم، لأننا نعرفُ أنّ هذا رزق ليس لهم في قلّته يد، ولكن الذي لا نتعايشُ معه هو فقرُ الأحاسيس!
وقلّة ذات القلب!
هذه الأشياءُ الصّغيرة التي لا تُكلّف درهماً ولا ديناراً، أشياء بالمجان، هي التي تجعل الحياة -رغم قسوتها- جنّة!هديّة بسيطة دون مناسبة .. عناقٌ في غير موعده … كلمة ( أحبك ) في زحمة سير … وردة من بائع متجوّل أمام الآخرين …. تشجيع ولد .. ومديح بنت … تفعل في القلوب أكثر مما نعتقد!
عندما نُغدِقُ الحُبّ على من حولنا، نُحصّنهم جيداً من الوقوع في أفخاخ اللطف العابر الذي يُقدّمه الآخرون.
صحيح أن اللطف ليس مرضاً يجب أن نُحصّن من حولنا ضدّه، ولكن الخواء العاطفيّ مقتلة!
يبقى الجفافُ العاطفيّ سيّد التأويلات، يُفسّر كل كلمةٍ عابرة على أنّها رسالة حب!
اصبح الشاب او الفتاة يسمعوُا: صباح الخير كأنّها: أنا أحبكِ .
كيف حالكِ على أنها: لقد اشتقت إليكِ .
النّاسُ يجِفّون من قلّة الاهتمام، كما يجفُّ الزّرع من قلّة الماء!
فاسقوا زرعكم .